تقبل الآخر واحترام حرية الخيار

من Wiki Akhbar
اذهب إلى: تصفح، ابحث

14 يناير، 2019

تقبل الآخر واحترام حرية الخيار هذه القضية أدت في الثولاة السورية إلى كم هائل من النقاشات والتهم المتبادلة. إذا أنا رفضت تصديق حجتك ومزاعمك فإني لا أتعدى على حريتك في التعبير. وحتى لو طردتك من صفحتي أو من بيتي فأنا لا أتعدى على حريتك. التعدي على الحرية يحصل إذا استخدم أحد الأطراف نوعاً من السلطة أو القوة لمنع الآخر من التعبير عن رأيه على كل المنابر. إذا حجبت عنك منبري فإن لديك منابر أخرى. وحتى لو امتلكت مجلة ومنعتك من الكتابة فيها فإني لا أتعدى على حريتك ما دامت هناك منابر أخرى ليس لي عليها سلطة. ولذلك فإن قضية الحقوق والحريات غالباً ما تكون مرتبطة بالدولة لأنها الوحيدة القادرة على حجب كل المنابر وعلى ممارسة القوة والسلطة على الفرد أو الجماعة لمنعهم من ممارسة معينة مثل التعبير عن الرأي. وغالباً ما يكون الراي هو احتجاج على الدولة نفسها.فإذا انا شتمت فرداً وقام ذلك الفرد بضربي فلا أنا أسأت حرية التعبير ولا هو منعني من ممارسة هذه الحرية. وكذلك الأمر بالنسبة للحجاب أو أي خيار فردي آخر.إذا أنا طردت المحجبات أو شاربي الخمر من بيتي فليس ذلك تعدياً على حقوقهم. وقد تعطي الدولة لنفسها حق ضبط هذه الممارسات من خلال قوانين، وهناك ندخل في جدال آخر حول ماهية الحقوق وهل تحددها الدولة أم لا وإلى أي حد. وهنا ندخل في نطاق استخدام سلطة الدولة لفرض حدود على الممارسات. أما تقبل الآخر فهو علاقة اجتماعية. هناك أعراف وقواعد تحكم تصرفات الناس وتؤدي إما غلى التعايش السلمي أو إلى التناحر. وعندما تصبح الهوية والآخر جزءاً من جماعة ويصبح التسامح والتقبل او الرفض ممارسة جمعية أو مدعومة من جماعة فإن الخطر يزداد. هناك عقود اجتماعية كثيرة نهملها، ونركز على العقد بين الدولة والمواطنين. هذا ممكن في مجتمعات لا تعترف إلا بالفرد وتحيل أي خلاف بين أفراد إلى مؤسسات الدولة. أما في مجتمعات الأسر الممتدة والعشائر والقوميات والطوائف فإن التعايش يجب أن يقوم على نوع إضافي من العقود الإجتماعية. وطالما أن أيديولوجية الجماعة تعتبر الناس خارج الجماعة أعداءاً أو منحرفين أو كفاراً أو جهلة أو متخلفين فإن علاقة هذه الجماعة مع الأخريات ستكون مأزومة. وإذا استولت جماعة أو جماعات على مؤسسات الدولة في مثل هذا السيناريو فإنه ستستخدم أدوات عنف الدولة وسلطتها لفرض أيديولوجيتها وتقسيمها للمجتمع إلى عالي وواطي، جيد وسيء وكل تلك الثنائيات. لكن في الوقت نفسه ليس من الضروري إدخال الدولة دائماً في هذه العقود الإجتماعية لأنها ستستخدم أدواتها المعروفة وستفرض ما تراه جيداً بقوة القانون والعنف. العقود الإجتماعية بين الجماعات لا تكون إلا بالتفاهم وليس بقوة الدولة. خطورة الطائفية (مسيحية أو إسلامية أو علوية) تكمن في استخدام الدولة لفرض رؤية جماعة معينة على تركيبة المجتمع. ولذلك لا يجب أن تعبر الدولة عن ثقافة أغلبية أو أقلية. على الدولة كمؤسسات أن تكون حيادية تجاه الجميع. أنا أدعو إلى دولة خدمات وليس دولة ثقافة. مشكلة الإسلام السياسي هو في ديكتاتورية الاغلبية عن طريق الدولة، ومشكلة العلوية السياسية هي في ديكتاتورية الأقلية. صحيح أنها لا تفرض دينها لكنها تفرض رؤيتها للمجتمع كطوائف على الجميع. أنا لا أريد أن أكون سنياً او مسيحياً أو غيره، لكن في دولة الطائفية يجب علي أو أختار طائفة. تقبل الآخر فرداً لفرد ليس مشكلة إلا على الصعيد الفردي. تقبل الجماعات لبعضها البعض أخطر لأنه يؤثر على الأمن المجتمعي. لكن تقبل الآخر يصبح أزمة إذا كانت الدولة جزءاً من الممارسة في التقبل أو الرفض. هذا ينطبق أيضاً على سيناريو استخدام أي شكل من أشكال العنف والإقصاء. إذن تقبل الآخر لا يعني قبول أفكارهم ولا يعني احترام أفكارهم ولا يعني الإستماع إليها (طبعاً هذه ممارسات جيدة من أجل تكريس السلم الإجتماعي)، لكنها تعني الإعتراف بحق الآخر في الوجود وحقه باعتقاد ما يراه مناسباً وذلك يكون بعدم استخدام مؤسسات الدولة وبعدم استخدام العنف كوسائل للإقصاء أو المنع أو العقاب أو حجب المنابر.

فهل قام السواح بأي من هذه الممارسات؟ لا، ممارسته فردية، لكنه قد يشير إلى وجود ممارسات جمعية من هذا النوع. وهذا لا يسقط موضوع تقبل الآخر وإنما ينقله من الممارسة الفردية إلى الممارسة الجمعية، أي إلى موضوع السلم الأهلي والشرخ في المجتمعات السورية.